نص ردّ الحكومة على مداخلات النواب بشأن "موازنة 2026"
وزير المالية: 171 مليون دينار مشاريع رأس مالية في قطاع الصحة
وزير المالية: الاقتصاد الوطني حافظ على الاستقرار المالي رغم الظروف المحيطة
تلا وزير المالية عبدالحكيم الشبلي، مساء الخميس، رد الحكومة على مداخلات النواب خلال مناقشة مشروع الموازنة للسنة المالية 2026.
وأكد وزير المالية، خلال كلمته أمام مجلس النواب الخميس، أن مشروع موازنة عام 2026 يشكّل تجسيداً عملياً للمرحلة الثانية من رؤية التحديث الاقتصادي، ويركّز على مشاريع نوعية في التعليم والصحة والبنية التحتية، بما يشمل إقامة 71 مدرسة جديدة ورفع مخصصات القطاع الصحي إلى 71 مليون دينار.
وبيّن الوزير أن الاقتصاد الوطني حقق مؤشرات إيجابية خلال عام 2025، أبرزها نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.7% و2.8% في الربعين الأول والثاني، وتراجع التضخم إلى 1.9%، وارتفاع الاحتياطيات الأجنبية إلى مستوى غير مسبوق بلغ 24.6 مليار دولار، إضافة إلى ارتفاع الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 36%.
وأكد أن الحكومة ملتزمة بخفض العجز والدين العام تدريجياً، مع توقع تقليص عجز الموازنة إلى 3.6% من الناتج المحلي بحلول 2028، مشيراً إلى أن دعم الحماية الاجتماعية ارتفع 9%، وأن الإيرادات المحلية ستغطي 89% من النفقات الجارية في عام 2026.
وشدد الوزير على التزام الحكومة بتنفيذ توصيات اللجنة المالية وملاحظات النواب، ومتابعة تنفيذ مشاريع رؤية التحديث الاقتصادي، مؤكداً أن الموازنة تعتمد الواقعية والشفافية، وتمنح أولوية لدعم القوات المسلحة وتعزيز الاستقرار المالي وتحسين الخدمات للمواطنين.
وبعد إقرار مشروع القانون، تشرع اللجنة المالية في مجلس الأعيان بمُناقشة "موازنة 2026"، لترفع توصياتها إلى مجلس الأعيان، من أجل إقراره، ومن ثم توشيحه بالإرادة الملكية السامية ونشره في الجريدة الرسمية.
وتاليا نص خطاب وزير المالية أمام النواب:
اسمحوا لي بداية أن اتقدم بالشكر إلى رئيس مجلس النواب على حضور جانب من جلسات اللجنة المالية كما أتقدم بالشكر والتقدير للجنة المالية في مجلسكم الكريم رئيساً ومقرراً وأعضاءً على الجهد الكبير والمميز الذي بذلته اللجنة في نقاش ودراسة مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2026، والى النهج المهني في اعداد تقريرها خلال فترة زمنية غير مسبوقة والذي اتَسَمَ بالتحليل والتقييم الشامل لمختلف القطاعات.
كما أتوجه بالشكر لجميع الاخوات والاخوة النواب الكرام على ما تضمنته مداخلاتهم من آراء وأفكار تعبر عن مسؤولية صادقة اتجاه الوطن وغيرة على مستقبله، والحكومة على ثقة تامة بأنه وبالتعاون مع مجلسكم الموقر سوف تثمر الجهود التي تبذلها الحكومة لتحقيق ما نصبوا إليه جميعاً في تعزيز مسيرة النمو والتطوير في وطننا الغالي.
وتؤكد الحكومة لمجلسكم الكريم بأن توصياتكم وملاحظاتكم ستكون موضع العناية والاهتمام والمتابعة خلال المرحلة القادمة وستبقى الحكومة على تواصل مع مجلسكم الكريم، تجسيداً للشراكة الكاملة، لنواصل معا مسيرة العطاء واضعين نصب أعيننا رفعة الأردن وخدمة مواطنيه.
أود أن اغتنم هذه المناسبة لأؤكد لمجلسكم الكريم بأن تَوجُهات السياسة المالية التي عرضتها الحكومة لحضراتكم في خطاب مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2026 هي تَوجُهات ثابتة وراسخة، وسوف نواصل العمل الدؤوب لتنفيذها على مدار السنوات القادمة ان شاء الله.
لقد جاءت موازنة عام 2026 لتشكل تجسيداً واقعياً لرؤية الحكومة التنموية لتنفيذ المرحلة الثانية لرؤية التحديث الاقتصادي، وترجمة الأهداف الواردة في الرؤية إلى مشاريع نوعية ستؤدي إلى احداث تغيير إيجابي في هيكل الموازنة الرأسمالية وتحسين سوية الانفاق العام، وتهيئ بيئة محفزة للنمو الاقتصادي المستدام لينعكس الأداء الإيجابي للاقتصاد الوطني على توسع فرص التشغيل في مختلف القطاعات ويلمس المواطنون أثر هذا التحسن في جودة الخدمات.
وقد جاءت تَوجُهات الحكومة في مشروع قانون موازنة عام 2026 مرتكزة الى محركات النمو التي حددتها رؤية التحديث الاقتصادي في قطاعات عدة أهمها الطاقة والسياحة والمياه والنقل والتعليم والصحة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وكما وجَّهنا جلالة الملك المعظَّم في خطاب العرش، ركَّزنا في مشروع الموازنة للعام المقبل على تنفيذ مشاريع كبيرة في الصحَّة والتَّعليم، تشمل إقامة 191 مشروعاً لوزارة التَّربية والتَّعليم منها 71 مشروعاً لإقامة مدارس جديدة في مختلف محافظات المملكة. كما خصَّصنا مبلغ 71 مليون دينار للمشاريع الرأسماليَّة في قطاع الصحَّة لإنشاء مستشفيات ومراكز صحيَّة جديدة، وتوسعة أخرى قائمة في مختلف المحافظات، علماً بأنَّنا بدأنا تنفيذ أوَّل مستشفى بالشَّراكة مع القطاع الخاص، والمتمثِّل بمستشفى مأدبا الحكومي، الذي سيكون نموذجاً لغيره من المشاريع المستقبليَّة التي تُقام بالشَّراكة مع القطاع الخاص، وتُدار من وزارة الصحَّة حصريَّاً.
وفي هذا الخصوص، تؤكد الحكومة ان شمول المشروعات التنموية في المحافظات لا يقتصر على مشاريع اللامركزية فقط وانما يتضمن المشاريع المرصودة ضمن موازنات الوزارات والدوائر والوحدات الحكومية.
وعليه، فإن التوجهات العامة للحكومة في مشروع قانون الموازنة لعام 2026 جاءت بما ينسجم مع مداخلات السادة النواب التي نوّهت إلى أهمية أن تعكس الموازنة العامة أهداف ومحاور رؤية التحديث الاقتصادي.
ولضمان تنفيذ المشاريع وفق الأطر الزمنية المحددة، اود الإشارة الى أن الحكومة ستقوم بمتابعة حثيثة لمشاريع رؤية التحديث الاقتصادي (2026-2029) مع الجهات المعنية وإصدار تقارير لمتابعة الإنجاز، واطلاع مجلسكم الموقر عليها.
لقد جاء إعداد مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2026 في خضم جملة من التطورات السياسية والاقتصادية الهامة التي شهدتها المنطقة ولا تزال لها آثار على الاقتصاد الوطني. وعلى الرغم من تاثير هذه التطورات السلبية للأزمات على اوضاع الاقتصاد الاردني الا أن اقتصادنا الوطني تمكن من الحفاظ على الاستقرار المالي والاقتصادي، وأظهر قدرته على تجاوز التحديات، وكان اداء الاقتصاد الوطني أفضل نسبياً مقارنة بأداء العديد من اقتصادات دول المنطقة. ومن المؤشرات الدالة على التحسن في اقتصادنا الوطني ما تحقق خلال عام 2025 من انجازات، يأتي في طليعتها نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بما نسبته 2.7 % و2.8 % خلال الربع الاول والثاني من عام 2025 على التوالي وهو اعلى معدل نمو منذ عامين.
كما واصل الاقتصاد تسجيل أقل المعدلات إقليمياً لمعدل التضخم حيث بلغ 1.9 % خلال الشهور العشرة الأولى لهذا العام، بما يعزز استقرار سعر صرف الدينار والحفاظ على القوة الشرائية للمواطنين وعدم تآكل دخولهم. كما تمكنت الحكومة من تعزيز الاستقرار النقدي الذي يعتبر ركنا أساسيا لتعزيز البيئة الاستثمارية حيث سجلت احتياطيات المملكة من العملات الأجنبية مستويات غير مسبوقة بلغت 24.6 مليار دولار حتى نهاية تشرين ثاني لعام 2025 وهي كافية لتغطية المستوردات لمدة تتجاوز 9 شهور.
وقد أظهرت مجموعة من المؤشرات تحسناً ملحوظاً مما يعكس تنامي ثقة المستثمرين بالاقتصاد حيث تشير أحدث البيانات الى ارتفاع الاستثمار الأجنبي المباشر خلال النصف الأول من هذا العام بنحو 36% ليبلغ نحو مليار دولار، وارتفاع الصادرات الوطنية بنحو 9.1% خلال الشهور التسعة الأولى لهذا العام، وارتفاع الدخل السياحي بنحو 400 مليون دولار أو ما نسبته 6.5 % مقارنة مع نفس الفترة لعام 2024 ليبلغ نحو 6.6 مليار دولار، كما ارتفعت حوالات العاملين الأردنيين في الخارج بنحو 4.1% عن مستواها في العام الماضي. وتجدر الاشارة الى أن عجز الحساب الجاري بلغ 7.4 % من الناتج المحلي الاجمالي خلال النصف الأول لهذا العام، ومن المتوقع تخفيض هذا العجز الى نحو 5.1% من الناتج لعام 2025 كاملاً.
وفي هذا السياق، أود الإشارة إلى أن المراجعة الشاملة التي نفذتها الحكومة للإطار الإحصائي للحسابات القومية تمت بالتعاون مع صندوق النقد الدولي والإسكوا ( لجنة الامم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي اسيا) والتي أفضت إلى إعادة تقدير حجم الناتج المحلي الإجمالي بناء على أفضل الممارسات الدولية للحسابات القومية، مؤكداً لحضراتكم أن هذه المراجعة ستزيد من عزم الحكومة على الوفاء بالتزاماتها وسعيها لخفض مستوى الدين العام وعجز الموازنة العامة إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى المستويات الآمنة، وأؤكد أن المراجعة أدت إلى تعزيز جودة البيانات والمؤشرات الاقتصادية والمالية العامة بما يساهم في تحسين صياغة السياسات الاقتصادية والاجتماعية والقرارات الحكومية ونجم عنها زيادة قيمة الناتج المحلي الإجمالي لسنة الأساس الجديدة 2023 بحوالي 3.6 مليار دينار.
ورغم الآثار السلبية للظروف السائدة في المنطقة على الإيرادات المحلية والتي أدت الى تراجع طفيف بالمقارنة مع المستوى المقدر لها في موازنة عام 2025، فقد تم إعادة تقدير عجز الموازنة بعد المنح عند نفس مستواها المقدر في موازنة عام 2025 بنحو 5.2 % من الناتج المحلي الإجمالي، كما أعيد تقدير العجز الأولي للموازنة بما نسبته 1.9 % من الناتج المحلي الإجمالي. كما يشهد إجمالي الدين العام تراجعاً تدريجياً حيث يتوقع أن تبلغ نسبة الدين بعد استثناء ما يحمله صندوق استثمار اموال الضمان الاجتماعي الى الناتج نحو 83.4 % في عام 2025، او ما نسبته 108.3 % من الناتج مع ما يحمله صندوق استثمار اموال الضمان الاجتماعي وهذه المستويات تؤكد على أن عجز الموازنة والدين العام في الأردن كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في مسار تنازلي وضمن الحدود الآمنة.
ان التطورات الإيجابية في مؤشرات الاقتصاد تعكس سياسة الحكومة، ومؤشراً على الإمكانات الكبيرة الكامنة لدى اقتصادنا الوطني للنمو والتشغيل، تحتاج منا جميعا بذل المستطاع لاستثمارها وتحقيق اهدافنا في كافة المجالات، وأستحضرُ في هذا المقام كلمات جلالة الملك المعظم
" فلا بد أن يركز النهج الحكومي على التنفيذ الفاعل، فلن يقوم أحد بإيجاد الحلول لمشاكلنا، إلا نحن أنفسنا، فلا بد أن نعتمد على إرادتنا وإمكانياتنا وطاقاتنا في مواجهة التحديات أمامنا بعزيمة وتصميم." (انتهى الاقتباس).






